التأمل رحلة المشتاق وخوض الصبر
(التأمل رحلة المشتاق وخوض الصبر)
تتعلم التأمل وتدخل دائرته لتضيء نفسك وتختبر الشكل الأجمل لحياتك..
تمارس التقنيات وتستمتع في البداية بالتغيير الذي يطرأ عليك، تشعر أنك تطير سعادة، تشعر أنك إنسان جديد، مولود جديد.. تستمر في الرحلة منتظراً الضفاف الأفضل لك
فجأة تجد نفسك أمام معارف كونية روحية لا نهاية لها وعشقك يحثك على اكتشاف ما يسمحه لك وعيك أن تتعرف عليه منها،
تمضي في رحلتك وتستمر بشغف
نعم أنت تتغير، ولكن مجتمعك لا، إنه كامن في ذاك الضجيج والتغييب والإعتام..
بينما أنت تضيء شعلتك الروحية كل يوم عن يوم تصبح بها أجمل وأجمل
نعم أنت خلال ممارستك المستمرة للتأمل تغيرت وفجأة ماذا يحدث ؟
السعادة تغيب منك ويحل عوضاً عنها الحزن
الامتلاء يغيب منك ويحل عوضاً عنه الشحوب
ما الذي يحدث لك؟
لقد خرجت بخيارك نحو هدايتك من دائرة المجتمع التي تربيت بها وتعلمت بها، وكنت تائهاً فيها ما بين ضجيج وضيق وأمل وإعتام..
هنا تبدأ رحلتك الفعلية في علم التأمل
هل أنت شجاع فعلاً لتكمل خطواتك التي بدأتها وصبرت سنين وأنت تترقب تغييرك ورفاهك النفسي والمادي.
خروجك عن دائرة المجتمع ودخولك دائرتك المضيئة جعلك مختلفاً في كلمتك وشعورك وسلوكك وتفكيرك وتهذيبك، أصبحت راقياً للغاية، ناضجاً بينما مجتمعك غارق في ضجيجه وكثافته
فارق كبير تشكل بينك وبينه
تحاول الانسجام ولكنك تتعرض للصدام
ضفتين مختلفتين:
ضفة الحب التي أصبحت بها، وضفة الإعتام القابع بها مجتمعك
لم يبقى أمامك سوى خيار واحد هو الاستمرار حتى ولو بقيت وحيداً، مؤمناً أنه سيأتي يوم تتحول وحدتك فيه إلى مجتمع رائع يحتوي فيه آلاف وآلاف من الناس الذين أضيئت شعلة الروح في كيانهم، وأصبحت في صدورهم مناهل الحب والغفران والهداية..
نعم وحدتك ومسلكك الذي صدك الجميع عنه، تحول إلى ضفاف رائعة من الاختلاط والفرح لقد صنعت بنفسك مجتمعك الذي طمحت إليه، ومجتمعك أصبح لك مسانداً لتكون ويكون هو من خلالك
فلا تحزن إن كنت في رحلتك وحيداً
لا تحزن أن وجدت نفسك لا تنسجم معه
لا تحزن إن غالطك الجميع
لا تحزن إن عاتبوك بإيلام
لا تحزن إن لم يفهموك
لا تحزن إن غادروك وتحدثوا عنك بكلام لا يليق
هدايتك تختلف عن هدايتهم
وأنت لن تقابلهم سوى بالغفران والمحبة والأمنيات الجميلة لهم
مدركاً أنك لا تتعامل معهم كجسد بل مع شعلة الهداية في ذواتهم مع الله
لذلك استمر واجعل الضعف الذي اجتاحك فجأة يتحول لدافع متقد لتكمل رحلتك، أنت صادق في مسعاك تلبي توجيهك الداخلي، تلبي إرشادك وتلبي أمانتك منطلقاً من مسؤوليتك نحو نفسك ونحوهم ونحو عالمك الكوني الواسع
نعم جازف لأجل سعادتك
مهما وصلت من نتائج حتى وإن كانت قليلة لأجل نفسك لأجل تطورك لأجل اكتمالك..
تقبلها وامتن لها، فقد أصبحت جزءاً منك ويوماً ما ستعود إليها لتتذكرها وتلمس منها صدقك في سعيك لأجلك ولأجل شعلتك الروحية بك