العدم .. نقطة الأوميغا العظمى.. الطاقة المصدرية الكامنة خلف كل خلق حي
(العدم .. نقطة الأوميغا العظمى.. الطاقة المصدرية الكامنة خلف كل خلق حي)
أستاذي الكبير و مُعلمي
قرات كلماتك بكل الحب والتفهم لكلماتك الجميلة التي تملاها المحبة والعطاء
عندما ذكرت العدمية حقيقة مطلقة انتابتني تلك المشاعر التي أبحث عن معانيها وفك رموزها لمعرفة حقيقة الوجود حقيقة الروح والعقل الباطن، حقيقة الصفات لا الموصوف، فالموصوف حقيقة ولكن ما مدى حقيقة الصفات؟
أشعر بتلك القدرة الحقيقية الكامنة وأدرك حقيقة أن تلك القدرة هي طاقة وفعل تحولها إلى مادة كما نشأة الكون و العكس، ولكن ما حدود تلك الطاقة و ما هي الأوجه لتلك الحقيقة وهل ما يتراءى للناس متل الحاسة السادسة هي طاقة أو بمعنى آخر هل علم الفلك و الرؤى والتنجيم والأرواح و الجن وااسحر.. تفسر بهذه الأسماء؟ وهل هي أوجه لتلك القدرة العظيمة والحقيقة الأزلية وهي الطاقة؟
عذراً على الاطالة ولكن ردك شجعني كي أنهل من بحور علمك علني أدرك جزء يسير من الحقيقة
أ. “نضال”.. أشكرك جزيلاً لروعتك.. السؤال غاية في الأهمية والجمال..
سأضع رؤيتي للجواب…
إن اختفت الشمس،
إن اختفت الأرض،
إن اختفت النجوم والكواكب،
وإن اختفت المجرة ماذا سيبقى؟
سيبقى الظلام … العدم… حيث لا وجود.
والعدم نفسه هو كل الوجود، هو الله .
علوم الفيزياء تقول:
«انبعث الكون من العدم، وداخل العدم تكمن الطاقة العظيمة التي تقف خلف تجسيد كل شيء».
الظلام الملكوت الذي يرافقك مع كل نفس تأخذه لصدرك، هو الطاقة العظيمة التي قدمتَ منها وتعود إليها استغراقاً في ثلاث حالات:
(النوم، والتأمل، والموت) .
خلال النوم، تدخل النفس ملكوت الظلام، تدخل العدم، نقطة “الأوميغا” العظمى، فيعاد علاجها وشحنها بطاقة الحياة لتستطيع استقبال طاقة نهار جديد.
وخلال النوم، يطلب جسمك العطاء وإطفاء الضوء ليحصل الظلام، فتهنأ النفس في نومها وتدخل العدم / الظلام. هناك يختفي الزمن ويختفي المكان ويختفي الضجيج. وحينما تصحو تشعر أنك للتو أغمضت عينيك، ثم فتحتهما في اللحظة نفسها. تنظر للساعة فترى أن ساعات قد مرت. كيف ذلك؟
خلال ممارسة التأمل، يحدث الاستغراق نفسه؛ تدخل عالم الظلام بإرادة واعية منك لتختبر تجربة النفس خلال النوم، ولكن هنا ضمن إدراكك ومراقبتك، حيث يختفي الزمن ويختفي المكان ويختفي الضجيج، وتصبح في الله.
(النوم والتأمل والموت) كلها حالات اتصال مباشر مع الله، ولكن لكل جانب منها لغته وطوافه وشخصيته وله أيضا وعيه وبنيته.
في النوم تدخل ملكوت الله، ويعاد شحنك وتحضيرك لاستقبال نهار جديد. فإن لم تنم لأيام، ستشحب وستموت لأن جسمك تضعف طاقته، ويفقد قدرته على استقبال طاقة الله الكونية المتجددة الكامنة في الكون، والكامنة في أعماقك، وفي كل خلق حي بوقت واحد.
التأمل أيضا يجمعك مع طاقة الله الكامنة في أعماقك، ويعالجك ويعيد تحضيرك ويجعلك مُتوازناً مُغتبطاً. وعندما يحدث الاستغراق وتتفتح عينيك، تدرك أن وقتاً طويلاً قد مر في ثانية، ثانية اختفيت فيها كمادة وأصبحت فقط سكونا.. صمتا.
الاستغراق الذي تختبره في النوم لا إرادي، بينما الاستغراق الذي تختبره في التأمل إرادي.
الاستغراق الطويل الذي تختبره في الموت لا إرادي، وهو الشكل الذي تنطلق فيه نهائياً بلا عودة لجسدك، لتختبر طاقتك الروحية مكاناً وزماناً جديداً لها.
وتسمى لحظة الاستغراق في التأمل “السمادهي”؛ لحظة الاتصال مع الله، حيث يتلاشى شعورك كمادة وتطفو في حلة وعيك الجليل كضوء، كنور فقط. وتسمى حالة العشق والمكاشفة هذه:
(الموسيقى الإلهية).
وُلد الكون من الظلام، وانبلج من العدم في قوانين الفيزياء.
نعم انبلج من رحم مُقدس هو الطاقة الإلهية العليا المصدرية لكل خلق حي وهي الله، تماما كما أنت انبلج جسمك جنيناً داخل رحم الأم الطاهر، ومنه ولدت كائناً مادياً تحويه طاقة الله المصدرية، التي يعيدك إليها اتصالاً ومكاشفة التأمل والنوم والموت.
من دون الظلام، من دون العدم، من دون الطاقة الإلهية العليا الكامنة في أعماقنا في حقيقتنا، لن تكون هناك أي حياة.
في المقابل، لا تعتبر طاقة الشر مكوناً كطبيعة مادية أو روحية من طاقة المصدر. إنها طاقة وحشية متدنية مناقضة، بينما طاقة العدم متكاملة، عرشها في النفس القلب، مجالها الحيوي المشع هو السلام والحب والعدل والسعادة والغفران والرحمة والخلق البديع الجمال.
ولا يُطلق على طاقة الشر مسمى الظلام، فقط تسمى ظلاما كتسميات مادية مجازية، بهدف إيضاح التعبير عن الشر. بينما في حقيقته، الشر هو إظلام، ضَلال، هيمنة وسيطرة يتم تلخيصها جميعا في كلمة شيطان. وهي ما يتعامل به السحرة لتحقيق الهيمنة والسيطرة المادية على العالم. وظهرت تلك الطاقة المتدنية عبر التاريخ بمسيات مختلفة، وهي ما يتم العمل بها لخلق الإرهاب بكافة مكوناته.
تأتي هنا حقيقة الصفات الأسماء المقدسة لله لتتعامل مع تلك الطاقات الضلالية وتنهيها، فتصبح مع حدوثها فعلاً أوجهاً لحقيقة المصدر الكلي للطاقة السماوية المقدسة التي ليس لفيضها وصف أو نهاية. وكانت الديانات السماوية الجليلة الهادية المرشدة لها.
التأمل وحده من يجعلك في مداد هذا البحر السري الكامن في أعماقك. داخل الظلام هناك حيث يشع الضوء ويفتح لك في
مركزيته بوابات استنارتك.
تعاليم الشفاء الأثيري