خلال رحلتك تمر بأشخاص مختلفين، قد يكون بينهم أشخاصاً غير منصفين لك، ومنهم من يتركوا أثراً جارحاً لك ويرحلون، هؤلاء لا تحزن منهم بل افرح لوجودهم لعدّة أسباب:
الأول: وجودهم يكون إستحقاق رد فعلي عليك، وهم بما فعلوه معك رفعوا عنك هذا الاستحقاق الذي كان من الممكن أن يتجسد بصور أكثر فعالية من القسوة
الثاني: نقلوا إليك صورة حقيقية لك خافية عنك وهي ضعف بك وعليك معالجته وفهم سيره بك وتغيير طاقته المحركة لك لصنع الصدام المعترض الذي مررت به
الثالث: نقلوا إليك هداية لسلوك مغاير تتبعه لتكون أفضل
الرابع: وجودهم قد يثبط مسارات عمل كنت متجهاً إليها برغبة وما من خير فيها لك، فجعلتك قسوتهم وردات أفعالهم تتنحى عن هذا المسار وتعدل عنه وجهتك
الخامس: غفرانك لهم وفهمك لقسوتهم المعترضة لك وتقدير الوضع النفسي الذي هم فيه وجعلهم يتعاملون معك على هذا النحو، وردك عليهم بلطف واع ودراية لوضعهم يكسبك الفضيلة والقوة ويكون في ميزان حسناتك
السادس: عليك أن تدرك أن الليل والنهار، الشهيق والزفير، المد والجزر، متلازمتين لا تكون واحدة بمعزل عن الأخرى، لذلك وجود هؤلاء الأشخاص حتى وإن كانوا محبين لك ورحلوا فجأة لا تحزن، وجودهم ورحيلهم متلازمتين لا تكون الأولى بمعزل عن الثانية، فلا تتمسك بمن يريد الرحيل، بل افرح له، وأضئ له شمعة امتنان، وامنحه حريته، فقد أدى رسالته لك وانتهت مهمته
السابع: لا تطالب الأخر من هؤلاء بمنحك التغيير الذي تريده وتنتظره، عليك أن تراعي مستوى نضجه وتفاعله ومستوى وعيه وإدراكه العقلي، ومستوى تفتحه وخبرته، كن معه بأصالتك وحكمتك وفهمك واحتواء وضوحك له، فتبقى مراقباً لتعامله معك لا متعلقاً به، وهنا يكون لك مساحة كبيرة لمنحه حريته وعذره فيما هو عليه، وأنت بالنهاية لا تتعامل معه كشخص بل تتعامل مع شعاع الهداية فيه
الثامن: أنت تتوسط الفاصل بين هذه المتلازمات مراقباً لكليهما، وتمسكك بإحداها سيضعك في معترض لسعادتك، فإن تمسكت بهم وأصريت عليهم تبعاً لتعلقك بهم، فعليك احتمال مسؤولية عوتهم لك، فتلك الطاقة لم تعد تصلح للمضي معك في رحلتك بتمسكك بها أنت أعدتها إليك وعليك أن تحتمل مسؤولية وجودها في تراتبياتك مجدداً
التاسع: الانقضاء يماثله الحضور، الذي يرحل عنك باركه وبارك صنيعه معك وكن ممتناً له، بمنحك الحرية له سمحت للحضور الجديد للنهار الجديد، للشهيق الجديد، للمد الجديد أن يأتي إليك ويباركك بمستوى وعيه وفهمه ونضجه ومعرفته، والجديد حينما يدخل في مرحلة الليل والزفير والجزر سيغادرك لأنه كملك بما كان في جعبته وانطلق ليكمل آخرين.. هكذا تسير متلازمة الحضور والانقضاء في وقائع استمراريتك المُكًرمة
العاشر: في رحيل هؤلاء الأشخاص عنك قد يكون فيه خير لهم، ووجودك معهم يثبط طاقتهم وقوتهم ويمنعهم من النمو والحصول على النعمات المنتظرة لهم، فلذلك حررهم منك حينما يحين موعد رحيلهم عنك..